أبي حادّ المزاج وأخشى العقوق!
السؤال
أعاني من مشكلات مع والدي الذي يعيش معي حالياً في المنزل، علماً أني لم أعش معه أو أعرفه منذ صغري، حيث إنه انفصل عن والدتي، وتربيت في منزل خالي، وعندما كبر الوالد تركه كل أولاده من زوجته الحالية بما فيهم زوجته، فطلبت منه الحضور إليَّ لوجه الله تعالى، ولكن المشكلة أنني لا أعرف كيف أتعامل معه بسبب تعامله غير المنصف أحياناً، وتصديقه كل ما يقال له من قبل إخواني الآخرين من زوجته الثانية عند الاتصال به، والآن هو كثير النقاش معي بسبب أمور تحصل سواء كانت صغيرة أو كبيرة، علماً أني أحاول تفادي هذه المناقشات الحادة معه؛ حتى لا أقع في العقوق وغضب الله عليّ، كما أنه دائم الشكوى من ضعف حالتي المادية، وعدم جلب بعض الأشياء. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي العزيز.. بارك الله فيك، وأجزل لك المثوبة في برك بوالدك. ولتعلم يا أخي أنه على قدر المشقة في البر يكون عظم الثواب والأجر من الله..
أخي الكريم: عليك أولاً البحث عن الأسباب المؤدية لرضا والدك.. ما هي الأطعمة والملابس ونوع الكلام والأصدقاء والأماكن وكل شيء يسعده، حاول أن تكتشف ذلك.. فإذا عرفت ذلك فهذا مدخل لكسب رضا والدك وسروره منك، وبالتالي الوقوف لجانبك...
ثانياً: حاول التواصل مع إخوتك من أبيك لتكسب ودهم وصلة الرحم معهم مهما أساؤوا لك، فكسب ودهم سيجعلهم يكفون، وربما يعينونك على برك بوالدك... حدثهم أنك لا تريد إلا الخير لهم ولوالدكم، ولا تطمع في شيء آخر، ولا تذكر لهم تركهم لوالدك، لا تذكر ذلك أبداً، بل كأنهم لم يتركوه، بل امتدح برهم وإحسانهم لوالدك، وأنهم هم السابقون في البر، وأن ما يتمتع به والدك من صحة هي من أسباب برهم له.. هكذا تكسبهم لجانبك، فيكونون عوناً لك.. وشيئاً فشيئاً ستجد الراحة في برك لوالدك، المهم أن تعرف الثناء على النفس البشرية يفتح باب ترويضها وكسبها... ولا تنسَ العبرة من قصة النبي يوسف عليه السلام مع إخوته، فرغم كيدهم به وإلقائه في الجب سامحهم وقال: (لا تثريب عليكم اليوم)، ولا تنس أن قول التي هي أحسن وفعل الحسن مما يطرد نزغات الشيطان، ويسكن شرور النفس البشرية... قال تعالى: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" [الإسراء:53].
وحين نفهم الكلمة سوف نفهم أنفسنا والآخرين.
ونفهم الحياة، ونتغلب على صعوباتها ومشاقها وعنتها ومشكلاتها كل هذا وبكلمة واحدة، نعم هذا ما أمرنا الله عز وجل به في القرآن الكريـم الدعـوة إلـى الكلمـة الطيبـة قال الله تعالى: "وقولوا للناس حسناً"، وقال سبحانه: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" وقال سبحانه: "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه" وأيضا كما وصانا به الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة". لذلك بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، ولو على حساب خسارة المال والوقت، ولكن كسب الثواب والأجر، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا.. فيا أخي لا تضجر من نقاش أبيك معك، بل دعه يقول وأنت فقط استمع، فإذا انتهي من كلامه طيب خاطره بالقول الحسن والكلمة الطيبة، وسترى أثر ذلك قريباً.. وفقك الله لحسن البر، وأجزل لك المثوبة