عدد الرسائل : 129 العمر : 34 الجنسية : في البيت المهنة : مدير العين وضواحيها المزاج : على كيفك تاريخ التسجيل : 20/09/2007
موضوع: تكمله 29/9/2007, 2:07 pm
عائشة كانت إلى جوار أمها ، حـــين لاحظت أنها انتفضت ، بمجرّد سماعها كلمة ( دكتور ) . بعفوية لا تخلو من توتر ، سحبت الأم الغطاء على بطنها المكشوف ، رغم أنه لم يكن موجوداً ، إلا زوجها وابنتها والممرضة ، التي تقيس ضغطها ، ودرجة حرارتها .. ولم تكن قد انتهت بعد ، من استكمال إجراءات الكشف . لما أرادت الممرضة أن تزيح الغطاء ، لتضع السماعة على بطنها ، أبعدت يدها ، واجترّت نفساً عميقاً .. وقالت : - أرجوك يا ( سستر ) ، إذا خلصتِ .. أبغى دكتورة تكشف علي .
لم ترد الممرضة ، وإنما واصلت إجراءات الفحص ، وطرح الأسئلة التقليدية ، عن تاريخها المرضي ، وإذا ما كان لديها حساسية ، تجاه دواء معين . تجاهل الممرضة لطلبها ، زادها إحباطاً ، ورفع وتيرة قلقها .. فنظرت إلى زوجها بعينين منهكتين ، أثقلهما الإحراج ، والشعور بالعناء الذي تسببه له .. فعجزت عن فتحهما بكامل استدارتهما .. وقالت : - أسألك بالله .. يا أبو أحمد ، فكّني من وجع القلب هذا ..!
أغضى .. وتنهد بصوت مكتوم ، ولم يعلّق . وقف للحظة .. ثم شد على يدها ، قبل أن يذهب . خرج من عندها ، وصار يتلفّت بحثاً عن أحد يسأله . شاهد شاباً يرتدي معطفاً أخضراً ، يناقش إحدى الممرضات في ورقة يحملها . اقترب منه ، وأخبره بحاجة زوجته لعناية عاجلة . لم يقطع الشاب حديثه مع الممرضة ، بل التفت بسرعة .. وقال وهو يشير بيده .. باتجاه أحد الأشخاص : - كلّم الدكتور بشير .. - وأنت ..؟ - أنا طبيب امتياز . - يعني ..؟ لم يـــــرد عليه ، بل استمر في حديثه ، واكتفى بالإشارة إلى شخص سوداني في طرف الصالة ، عليه معطف أبيض ، ويتحلق حوله عدد من الأشخاص ، بينهم ممرضات . سأل إحدى الممرضات عن الدكتور بشير ، فأشارت إليه . أراد أن يحدثها عن حالة زوجته ، فاعتذرت وأخبرته .. أن عليه أن يتحدث مع الطبيب المسؤول في قسم الطوارئ .. الدكتور بشير . اقترب وحيّاه : - مساء الخير دكتور ، أنا زوجتي حامل وتعبانه .. ممكن .. - الدور جاي عليها ، دقائق فقط ، وأجيء لها . - المشكلة يا دكتور ، إنها تريد طبيبة تكشف عليها . - للأسف .. الليلة الدكتورة صار عندها حالة طارئة .. ومشت ، ولا يوجد في القسم عندنا ، إلا دكاترة رجال ، يكشفون على المرضى . - والولادة ..؟ الممرضة قالت أنها ربما تكون عندها حالة ولادة مبكرة ..! - موضوع الولادة ليس فيه مشكلة ، على حد علمي ، يوجد طبيبة ، لكن دعنا الآن نراها ، ونعرف ما هي حالتها بالضبط ، مع الدكتور فيصل .. ثم أشار برأسه إلى طبيب ، يقف على بعد أمتار منه ، يقلب مجموعة أوراق بين يديه . يبدو الدكتور فيصل ، من ملامحه ومظهره الخارجي أنه سعودي . فرح بذلك ، وقال يحدث نفسه : دكـــتور سعودي .. سوف يتفهم موقف زوجتي ، ورفضها للأطباء الرجال .. ويقدر حالتها النفسية ، وشعورها .
عاد إلى زوجته ، وفضل أن يبدأ بإطلاعها ، على ما يظن أنه الخبر الذي سيطمئنها ويريحها . يعلم أنه لو أخبرها بعدم وجود طبيبة ، تتولى الكشف عليها ، فإن وضعها النفسي سيتدهور ، وحالتها الصحية ستزداد سوءاً . قال إنه تحدث إلى الدكتور رئيس قسم الطوارئ ، عن رغبتها في طبيبة تتولى متابعة حالتها ، وأن الدكتور أكد وجود طبيبة نساء وولادة ، سوف تتولى رعايتها ، والإشراف على الولادة .. بمجرد أن يتم تحويلها من الطوارئ إلى قسم التوليد ، بعد أن تنتهي إجراءات الكشف ، والتأكد من حالتها .. ثم أضاف ، بكثير من الاطمئنان : - هناك أيضاً دكتور سعودي موجود في الطوارئ ، سيساعدنا لو حصل أي إشكال ..
بدت أمارات الرضا على وجهها ، ولم تنتبه لكلام زوجها ، أن من سيتولى الكشف عليها ، وينهي إجراءات فحصها .. قبل تحويلها لقسم التوليد ، دكتور وليس دكتورة . كان انتباهها مركزاً على الجزء الأول من الكلام ، الذي يتحدث عن طــــبيبة النــساء والولادة . عائشة انتبهت للأسلوب ، الذي خاطب به والدها والدتها ، ولاحظت مظاهر ارتياح اتسم بها حديثه ، وهو يتحدث عن وجود طبيب سعودي . انتبهت أيضاً للسكينة التي غمرت أمها ، بعد سماعها لكلام والدها . اختلست نظرة لوجه والدها ، الذي أدرك ما يدور في خاطرها .. فتبادلا ابتسامة ارتياح وإعجاب . هي للطريقة الذكية التي استخدمها لطمأنة أمها ، وهو لذكائها وسرعة بديهتها .
كانت الممرضة قد فرغت من إجراءات الفحص ، ودونت النتائج في بيان معها ، وعلى وشك أن تخرج ، حين دخل الدكتور بشير السوداني ، ومعه الطبيب الآخر ، الذي كان واضحاً ، من لهجته وكلامه أنه سعودي . أخذ الدكتور بشير الورقة من الممرضة ، وتحدث بلغة إنجليزية مع الطبيب الآخر ، وصارا يستعرضان المعلومات التي دونتها الممرضة . طلب الدكتور بشير من الممرضة أن تكــشف عن بطن المريضة . تمسكت أم عائشة بالشرشف ، لكن زوجها نظر إليها بعتاب .. وخاطبها بصوت خافت : - مها ..! طرفت عيناها من خلف النقاب ، ثم أرخت قبضتي كفيها عن الغطاء .. وتنهدت بعمق . في الوقت نفــــسه ، انحنت عائشة ووشوشت في أذن أمها بكلمات غير مسموعة ، أطلقت بعدها الشرشف ، وتركت الممرضة تقوم بواجبها . وضع الدكتور بشير السماعة على الجزء الظاهر من بطنها ، وتحدث مع الطبيب الآخر ، الذي تناول منه السماعة ووضعها في أذنيه . أصغى لبضع ثواني ، ثم التفت إلى الدكتور بشير ، وهز رأسه موافقاً ، وعلق بعبارة واحدة . كان الحوار باللغة الإنجليزية ، فلم يفهموا شــيئاً مما دار بينهما . التفت الدكتور بشير إلى والد عائشة ، أبو أحمد وقال : - زوجتك لديها حالة ولادة مبكرة ، وسنكتب لها إذن تنويم . الدكتور فيصل هو استشاري النساء والولادة .. سيتولى إكمال الإجراءات .. والإشراف على الولادة .
تبادل أبو أحمد نظرات سريعة مع زوجته ، التي فاجأها الخبر ، وكان خلاف ما توقعته .. فظهر الهلع في عينيها ، وأخذت تجمع الشرشف حولها بعصبية ، وتردد : لا .. لا . كان الدكتور بشير على وشك أن يخرج ، قبل أن يستوقفه زوجها ، ويقول له : - لكني يا دكتور ذكرت لك ، أن زوجتي لديها مشكلة ، ولا تريد إلا دكتورة لتقوم بتوليدها . - والله يا أستاذنا ، هذا ليس من اخــــتصاص الطوارئ .. كلم الدكتور فيصل .. هو المسؤول .
غادر الدكتور بشير ، فالتفت أبو أحمد إلى الدكتور فيصل ، الذي كان يرتب إجراءات التنويم مع الممرضة ، وسمع الحديث الذي دار بينه وبين الدكتور بشير .. فقال : - دكتور فيصل ، لو سمحت .. قبل أن يكمل كلامه ، فاجأه الدكتور فيصل ، دون أن ينظر إليه ، وهو ما زال منشغلاً مع الممرضة .. برد جاف ، وتقاطيع جامدة : - الإجراءات تتم حسب المتوفر .. - الدكتور بشير ، قال لي قبل وصولك بدقائق ، إن فيه طبيبة .. دكتورة . انفعل الدكتور فيصل ، ورد بعصبية : - يعني أنا كذاب ..؟! - أنا ما قلت كذا ..! واصل الدكتور فيصل انفعاله ، وبوتيرة أعلى : - قلت .. أو ما قلت ، أزعجتونا . كل واحد يجيء لي .. أبغى دكتورة تولد زوجتي . إيش الأوادم هذي ؟ صلحوا لكم مستشفيات بمزاجكم . عاجبك نظامنا ، أو خذ زوجتك وتوكّل على الله .. الباب يوسع جمل ..! ثم ختم ردّه الحاد ، بعبارة خافته ، حاول أن تكون غير واضحة : - ناس متخلفة ..! لكن يبدو أن أذن أبو أحمد ، قد التقطت الكلمة : - يا دكتور .. هذا مستشفى حكومي ، ومن حق المواطن أن يلقى احتراماً ، وخدمة صحيحة . التخلف .. ليس التزام الإنسان بما يؤمن به ، بل معاملة الناس بهذه الطريقة .
اندفع الدكتور فيصل خارجاً من غرفة الفحص ، بعد أن أكمل بلغة غاضبة ، توجيه تعليماته للممرضة . لم تفلح في إيقافه .. عبارة : " أرجوك يا دكتور " ، التي ظل أبو أحـــمد يرددها .. أملاً في أن يستمع إليهم ، ويتفهم ظروف زوجته ، ووضعها النفسي . أراد أن يشرح له ، أنها ليست مسألة حلال أو حرام فقط ، ما يجعل زوجته ترفض الأطباء الرجال .. وهو ما فهمه ، من وصفه لهم بالتخلف .. بل بسبب حالتها النفسية . كان واضحاً أن مــــوقفه قطعي ونهائي ، لأن الممرضة ، بعد انصرافه ، جاءت وأكّدت لهم ، أن الدكتور فيصل ، طلب منها أخذ توقيعه وإقراره ، على أن من سيتولى توليد زوجته طبيب رجل ، وليس طبيبة . أراد أن يتبعه .. ليجادله ، لكنه فضل أن يبقى ليهدئ زوجته ، التي أخذت تنتحب ، وفاض الدمع من عينيها ، حتى بلل معظم نقابها . منظر زوجته تتلوى من الألم ، وموقف الدكتور الحاد من طلبهم ، جـعله يشتعل سُخطاً وغضباً .. ولم يبقِ مجالاً للصبر ، فخرج ليلحق به . جال في قسم الطوارئ يبحث عنه ، وهو يردد بغيظ : - أين دكتوركم المحترم ..؟
لم يجده .. وكذلك الدكتور بشير ، لم يكن موجوداً .. هو الآخر . بدأ يعلو جداله مع موظف الأمن ، الذي كان يطالبه بالهدوء .. أو سيضطر لاستدعاء الشرطة لإخراجه . زوجته وابنته كانتا تسمعانه من داخل غرفة الفحص . خشيتا عليه أن ينفعل ، فيقدم على تصرف غير محسوب : - عائشة .. نادي على والدك بسرعة .
خرجت عائشة لتجد والدها في جدال محتدم مع رجل الأمن ، وبعض العاملين في قسم الطواريء . نادت عليه ، وأخبرته أن أمها تريده . حين دخل على زوجته ، كان وجهه محتقناً ، عليه أثار الإجهاد والغضب ، من النقاش الحاد ، والشعور بالإحباط . لم يطق الصبر على نظراتها الكسيفة ، ولا استطاع أن يديم النظر إلى وجهها الأبيض الغض ، الذي انقبض وعــصرته آلام المخاض ، وشحب .. فصار أصفر ، بعد أن امتص نضارته ، الإحساس بالعجز .. والمهانة ، من طريقة تعامل الدكتور فيــصل معهم . قال لها .. كأنما يريد أن يعيد إليها ولنفسه ، كرامة مهانة ، وإنسانية مهدرة : - حبيبتي مها ، لا يهمك الدكتور قليل الأدب هذا . الآن نطلع ، ونروح لمستشفى خاص ، وتولّدك دكتورة . ثم التفت إلى ابنته .. ليؤكد ما عزم عليه : - عائشة .. هاتي عربية . أنا سأساعد ماما على النزول من السرير . اعتدلت زوجته في جلستها ، وأمسكت بيد ابنتها ، لتمنعها من الذهاب ، وقالت .. وهي تنظر إليه ، بعيون امتلأت حباً : - لا يا ناصر .. الله يخليك لنا . المستشفيات الخاصة تكلف كثير ، وأنا ولادتي ، يحتمل أن تكون غير طبيعية . العمليات القيصرية غالية جداً .. يفرجها ربك إن شاء الله . ثم أضافت ، بنغمة لا تخلو من خوف : - تذكر جيراننا أم خالد .. كيف طردهم المستشفى الحكومي ، لعدم وجود أَسِرِّة .. لأن زوجها ، ليس من منسوبي ذلك القطاع ، وراحوا لمستشفى أهلي ، وكلفتهم الولادة أكــثر من 25 ألف ريال .. ما قدروا يدفعونها ، فرفض المستشفى تسليمهم المولود ، إلا بعد شهر ، لمّا استلفوا .. ودفعوا لهم .
عائشة كانت ترقب المشهد . تتأمل صراع أمها مع الألم ، وصراعها مع نفسها .. بين رفضها أن تذهب إلى مستشفى خاص ، سوف يكلفهم فوق ما يطيقون ، وبين قبولها بأن يتولى عملية توليدها رجل ، وهو أمر فوق أن تحتمله . نغمة اليأس العميق ، بدت واضحة جداً ، وهي تعترض على اقتراح زوجــــها . جملتها الأخـــــيرة : " يفرجها ربك " ، خرجت خافتة متقطعة ، وعبّرت عن حقيقة شعورها العميق ، بالأسى والمرارة ، رغم أن ظاهر كلامها خلاف ذلك . حين أنهت عبارتها هذه ، أسبلت جفنيها ، ثم انزلقت على وسادتها ، فغاص رأسها في الوســــادة ، وهبط صدرها ، بعد أن زفرت نفساً عميقاً . بدا المشهد ، بين انغماس رأسها في الوسادة ، وهبوط صدرها .. وكأنها تهوي إلى قاع .
ألم عائشة تضاعف ، وهي تشـــاهد والدها تقسّمه الحيرة ، بين ما آلت إليه حال أمها ، بسبب موقف الدكتور فيصل ، وبين رغبته في أن يساعدها ، للخروج من هذا الوضع ، بنقلها إلى مستشفى خاص ، رغم ضعف إمكاناته المادية . انتبهت إلى أن حيرته تضاعفت ، بعد رواية أمها لقصة أم خالد . تسترجع المشهد لبضع دقائق مضت ، حين كــــان والدها ، يشرق وجهه بالأمل ، وتكسو محيّاه علامات الارتياح ، لوجود طبيب سعودي . تلحظ الآن ، شعوراً بالمرارة ، يجعله يوالي ارتشاف الماء ، من زجاجة مياه صحية لم تفارق يده ، منذ أن تجادل مع العاملين في قسم الطوارئ ، حول موقف الدكتور فيصل . سمعته يردد في جداله معهم : " تصوّروا .. يصفنا بالتخلف ، لأن زوجتي امرأة تستحي ، وتراقب ربها ، ولا تريد أن يقوم بتوليدها .. إلا طبيبة . هل يعقل أن يكون هذا الدكتور وأمثاله ، من نفس مجتمعنا ، ويدينون بدينه ..؟ " . أحست أن صدمتها من تعامل الطبيب ، وخيبة أمل والدها به ، أشد أذى على نفسها ، مما اعترى والدتها من انزعاج ، لعدم وجود طبيبة تـــتولى توليدها .
الفرعون مدير الموقع
عدد الرسائل : 514 العمر : 36 الجنسية : (أم الدنيا) المهنة : طالب للعلم المزاج : حسب مزاج الأعضاء تاريخ التسجيل : 14/09/2007
موضوع: رد: تكمله 30/9/2007, 3:37 am
مشكووووووور
تحياتي,,,,,,,, الفرعون
عاشق الجوارح مدير الموقع
عدد الرسائل : 528 العمر : 38 الجنسية : اماراتي المهنة : تحريات المزاج : على كيفك تاريخ التسجيل : 15/09/2007
موضوع: رد: تكمله 3/11/2007, 2:01 pm
مشكوووووووووور
تحياتي........... أهلاوي باشا
$القنصل الصغير$ مدير الموقع
عدد الرسائل : 152 العمر : 39 الجنسية : زولا المهنة : رقاص المزاج : عصبي تاريخ التسجيل : 26/09/2007